في عام 2008 وبعد 4 سنوات من افتتاح ستوديو عماد الدين وتقديم خدماته المتنوعة لمختلف الفرق والفنانين العاملين في مجال الفنون المسرحية في القاهرة، تم إطلاق النسخة الأولى من مختبر ومهرجان «البقية تأتي».
تخيلت نيفين الإبياري، مدير ورش العمل في ستوديو عماد الدين، فكرة المشروع بعد أن تابعت عن كثب أعمال مختلفة لفنانين وفرق في الاستوديو، وكانت الفكرة تهدف لخلق تحد جديد لمخرجي المسرح والفرق الفنية من خلال وضع قيود مالية وإنتاجية بجانب العوامل الفنية للعروض، وبالتالي إكساب المشاركين مهارات وإمكانات جديدة في مجال التنمية الفنية.
بشكل عام لا تتلقى الفرق المسرحية العاملة في الاستوديو أي دعم مالي من منظمات مصرية أو إقليمية، بل يلجأ أعضائها في الأساس إلى جمع الأموال من بعضهم البعض لإنتاج أعمالهم. والحقيقة أن هذه القيود المالية لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على الخيارات الفنية أو العملية الإبداعية، وغالبية العروض التي يتم إنتاجها في الاستوديو تكون مدتها أكثر من ساعة واحدة، وتضم عشرات الممثلين على المسرح، وتستخدم فيها ديكورات ضخمة ومكلفة.
نتيجة لذلك لا يستطيع الفنانين وفرقهم الفنية تقييم الوسائل والأدوات التي يمتلكونها لإنتاج العمل الفني بشكل سليم، فهذا التقييم ليس ضروريًا فقط لنجاح أي عمل فني، ولكنه ضروري ايضا في عمليات التنمية والتعلم للفنانين.
في البداية وفى الفترة من عام 2008 الى عام 2010 كان يقام مهرجان البقية تأتي كل عام ولكن نتيجة للقيود المالية أصبح يقام كل عامين منذ عام 2011. حيث يتم اعطاء 3 الى 5 فرق مختارة عوامل محددة وصارمة لإنتاج الأعمال الفنية من خلالها مثل: ألا تزيد مدة العرض عن 30 دقيقة وألا يتضمن العرض أكثر من 4 مؤديين وكذلك يتم العمل في إطار ميزانية محدودة. كما يشرف مجموعة من المتخصصين المحترفين على المخرجين المختارين ومصممي الرقصات ومديري خشبة المسرح ومصممي الديكور والملابس، ويقوم هؤلاء المشرفين بدور تعليمي حيث يقدموا الدعم للمشاركين خلال مراحل الإنتاج المختلفة، بداية من اختيار النص وحتى العرض النهائي.
بالإضافة إلى ذلك، يتم اختيار المشاركين الأكثر تميزا في ورش العمل الفنية المختلفة بستوديو عماد الدين للعمل بمهرجان البقية تأتي مع المخرجين ومصممي الرقص المختارين، وبالتالي يتوفر لهم فرصة للمشاركة فيما هو في كثير من الأحيان أول تجربة مسرحية مهنية ومحترفه لهم.
من خلال وضع هذه المبادئ التوجيهية، فإننا نسعي الى زيادة تركيز الفنانين الشباب على الجانب الإبداعي ونأمل أن يؤدي ذلك إلى تحسن كبير في جودة العملية الإنتاجية ككل.
دعم مهرجان البقية تأتي منذ عام 2008، إنتاج 14 عرض فني. سبعة عروض راقصة وسبعة عروض مسرحية، وقدم التدريب والتوجيه لأكثر من 150 من المخرجين الشباب ومصممي الرقص والكتاب والراقصات ومصممي الديكور والاضاءة والإدارة المسرحية وجميع أنواع العمل التقني المسرحي.
وقد قامت أفضل العروض التي قدمت في مهرجان البقية تأتي بعمل جولات محلية في مختلف المدن بمصر، وكذلك على الصعيد الدولي في جمهورية التشيك والولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى.
«البقية تأتي» ليس مجرد مهرجان، وليس مجرد منح إنتاجية للفنانين أو مختبر تدريبي بسيط، بل هو كل ما سبق وأكثر من ذلك.